حكم التعامل مع الجن لشيخنا الألباني
حكم التعامل مع الجن لشيخنا الألباني
السؤال : ما حكم التعامل مع الجن ؟
الجواب :أقول : التعامل مع الجن ضلالة عصرية ، لم نكن نسمع من قبل - قبل هذا الزمان تعامل الإنس مع -الجن ، ذلك أمرٌ طبيعي جداً ، لا يمكن تعامل الإنس مع الجن ؛ لاختلاف الطبيعتين ؛ قال عليه الصلاة والسلام تأكيداً لما جاء في القرآن : وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن:15] وزيادة على ما في القرآن قال عليه السلام: " خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" ؛ فإذاً البشر خلقوا من طين والجان خلقوا من نار ، فأنا أعتقد أن من يقول بإمكان التعامل مع الجن مع هذا التفاوت في أصل الخلقة ، مثله عندي كمثل من قد يقول - وما سمعنا بعد من يقول - تعامل الإنس مع الملائكة .
هل يمكن أن نقول بأن الإنس بإمكانهم أن يتعاملوا مع الملائكة ؟
الجواب : لا . لماذا ؟ نفس الجواب، خلقت الملائكة من نور وخلق آدم مما وصف لكم ، أي : من تراب ، فهذا الذي خلق من تراب لا يمكنه أن يتعامل مع الذي خُلق من نور. كذلك أنا أقول : لا يمكن للإنسي أن يتعامل مع الجني بمعنى التعامل المعروف بيننا نحن البشر ، نعم . يمكن أن يكون هناك نوع من التعامل بين الإنس والجن ، كما أنه يمكن أن يكون هناك نوع من التعامل بين الإنس والملائكة أيضاً ، لكن هذا نادر نادر جداً، ولا يمكن ذلك مع الندرة إلا إذا شاء الملك وشاء الجان. أما أن يشاء الإنسي أن يتعامل معاملة ما مع ملك ما فهذا مستحيل، وأما أن يشاء الإنسي أن يتعامل مع الجني رغم أنف الجني فهذا مستحيل ؛ لأن هذا كان معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام ، ولذلك جاء في الحديث الصحيح في البخاري أو مسلم أو في كليهما : أن النبي : " قام يصلي يوماً بالناس إماماً، وإذا بهم يرونه كأنه يهجم على شيء ويقبض عليه، ولما سلّم قالوا له: يا رسول الله! رأيناك فعلت كذا وكذا، قال: نعم. إن الشيطان هجم - أو قال عليه السلام هذا المعنى- علي وفي يده شعلة من نار يريد أن يقطع علي صلاتي ، فأخذت بعنقه حتى وجدت برد لعابه في يدي ، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص:35] لربطته بسارية من سواري المسجد حتى يصبح أطفال المسلمين يلعبون به) لكنه عليه الصلاة والسلام تذكر دعاء أخيه سليمان عليه السلام: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص:35] ، لولا هذه الدعوة لربطه الرسول ، لكنه لم يفعل ؛ فأطلق سبيله برغم أنه أراد أن يقطع عليه صلاته . فالآن ما يشاع في هذا الزمان من تخاطب الإنس مع الجن ، أو الإنسي المتخصص في هذه المهنة يزعم أنه يتخاطب مع الجني ، وأنه يتفاهم معه ، وأنه يسأله عن داء هذا المصاب أو هذا المريض وعن علاجه ، هذا إلى حدود معينة يمكن ، لكن يمكن واقعياً ولا يمكن شرعاً ؛ لأن ليس ما هو ممكن واقعاً يمكن أو يجوز شرعاً .. فإنه يمكن للمسلم أن ينال رزقه بالحرام ، كما ابتلي المسلمون اليوم بالتعامل بالربا معاملات كثيرة وكثيرة جدا ً، لكن هذا لا يجوز ولا يمكن شرعاً ، فما كل ما يجوز واقعاً يجوز شرعاً .
لذلك نحن ننصح الذين ابتلوا بإرقاء المصروعين من الإنس بالجن ، ألا يحيدوا أو ألا يزيدوا على تلاوة القرآن على هذا المصروع أو ذاك في سبيل تخليص هذا الإنسي الصريع من ذاك الجني الصريع - صريع اسم مفعول، اسم فاعل- ففي هذه الحدود فقط يجوز، وما سوى ذلك فيه تنبيه لنا في القرآن الكريم على أنه لا يجوز بشهادة الجن الذين آمنوا بالله ورسوله، وقالوا كما حكى ربنا عز وجل في قرآنه :و َأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [الجن:6] وكانت الاستعاذة على أنواع، ولا توجد حاجة للتعرض لها.
المهم أن الاستعانة بالجن سبب من الأسباب لإضلال الإنس ؛ لأن الجني لا يخدم الإنسي لوجه الله ، وإنما ليتمكن منه لقضاء وطره منه بطريقة أو بأخرى .
لقد كنا في زمن مضى ابتلينا بضلالة لم تكن معروفة من قبل ، وهي التنويم المغناطيسي ، فكانوا يضللون الناس بشيء سموه بالتنويم المغناطيسي، يسلطون بصر شخص معين على شخص عنده استعداد لينام ثم يتكلم - زعم - في أمور غيبية ، ومضى على هذه الضلالة ما شاء الله عز وجل من السنين تقديراً ، ثم حل محلها ضلالة جديدة وهي استحضار الأرواح ، ولا نزال إلى الآن نسمع شيئاً عنها، ولكن ليس كما كنا نسمع من قبل ذلك ؛ لأنه حل محلها الآن الاتصال بالجن مباشرة –
لكن من طائفة معينين ، وهم الذين دخلوا في باب الاتصال بالجن باسم الدين ، وهذا أخطر من ذي قبل،
فالتنويم المغناطيسي لم يكن باسم الدين وإنما كان باسم العلم ، واستحضار الأرواح كذلك لم يكن باسم الدين إنما كان باسم العلم أيضاً.
أما الآن فبعض المسلمين وقعوا في ضلالة الاستعانة بالجن باسم الدين، ذلك أن الرسول ثبت عنه أنه قرأ بعض الآيات على بعض الناس الذين كانوا يصرعون من الجن فشفاهم الله ، هذا صحيح ؛ لكن هؤلاء بدءوا من هذه النقطة ثم وسعوا الدائرة إلى الكلام : هل أنت مسلم؟ ما دينك ؟ نصراني يهودي بوذي ؟ وبعد ذلك يقولون له : أسلم تسلم، وبعد ذلك يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، آمن الإنس بكلام الجني وهم لا يرونه ولا يحسون به إطلاقاً، نحن نعيش اليوم سنين طويلة نتعامل مع بني جنسنا -إنس مع إنس-. وبعد كل هذه السنين يتبين لك أن الذي كنت تعامله كان غاشاً لك ، فكيف تريد أن تتعامل مع رجل من الجن لا تعرف حقيقته ؟
ويقول لك : أسلمت، ويقول لك : أنا مؤمن، وأنا في خدمتك، ماذا تريد مني؟ أنا حاضر. هذا نسمعه كثيراً، سبحان الله! من هنا يدخل الضلال على المسلمين كما يقال: (ومعظم النار من مستصغر الشرر). بدأنا مهنة نتعاطها في استخراج الجن من الإنس وتوسعنا فيها حتى صارت واسعة.
وقد يسأل سائل فيقول: هل يمكن التعامل مع الجن؟
فنقول :
لا يمكن إلا بما ذكرته آنفاً من التفصيل والنصيحة ، كما قلت آنفاً : أنه لا يجوز لمسلم أن يزيد على الرقية في معاجلة الإنسي الذي صرعه الجني ، يقرأ عليه ما يشاء من كتاب الله ومن أدعية رسول الله الصحيحة. وهناك أشياء عجيبة جداً ، كلها توهيم على الناس ومحاولة للانفراد بهذه المهنة عن كل الناس ؛ لأنه لو بقيت القضية على تلاوة الآيات فكل أحد يستطيع أن يقرأ بعض الآيات وإذا بالجني يخرج، يقولون : لا. نريد أن نحيطه بشيء من التمويه والسرية -زعموا- حتى تكون مخصصة في طائفة دون طائفة. أذكر بقوله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [الجن:6] . نسأل الله عز وجل أن يحفظنا عن الانصراف إلى الاستعانة بالجن .......
وله رحمه الله كلامًا هامًا في "السلسلة الضعيفة" في المجلد الثاني حديث رقم (665) و(666) ؛ أنقله لفائدته :
655 - " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله احبسوا علي ، يا عباد الله احبسوا علي ، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم " .
ضعيف ..... . و قال الحافظ السخاوي في " الابتهاج بأذكار المسافر و الحاج " ( ص 39 ) : " و سنده ضعيف ، لكن قال النووي : إنه جربه هو و بعض أكابر شيوخه " .
قلت [- أي : شيخنا الألباني ] :
العبادات لا تؤخذ من التجارب ، سيما ما كان منها في أمر غيبي كهذا الحديث ، فلا يجوز الميل إلى تصحيحه بالتجربة ! كيف و قد تمسك به بعضهم في جواز الاستغاثة بالموتى عند الشدائد و هو شرك خالص .
و الله المستعان .
و ما أحسن ما روى الهروي في " ذم الكلام " ( 4 / 68 / 1 ) :
أن عبد الله بن المبارك ضل في بعض أسفاره في طريق ، و كان قد بلغه أن من اضطر ( كذا الأصل ، و لعل الصواب : ضل ) في مفازة فنادى : عباد الله أعينوني ! أعين ،
قال : فجعلت أطلب الجزء أنظر إسناده .
قال الهروي : فلم يستجز . أن يدعو بدعاء لا يرى إسناده " .
قلت : فهكذا فليكن الاتباع .
و مثله في الحُسْن ما قال العلامة الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 140 ) بمثل هذه المناسبة :
" و أقول : السنة لا تثبت بمجرد التجربة ، و لا يخرج الفاعل للشيء معتقدا أنه سنة عن كونه مبتدعا .
و قبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله ، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة و هو أرحم الراحمين ، و قد تكون الاستجابة استدراجا " .
و للحديث طريق آخر معضل .... و الأصح عن أبان عن مجاهد عن ابن عباس موقوفا عليه كما يأتي بيانه في آخر الحديث التالي .
656 - " إذا أضل أحدكم شيئا ، أو أراد أحدكم غوثا ، و هو بأرض ليس بها أنيس فليقل : يا عباد الله أغيثوني ، يا عباد الله أغيثوني ، فإن لله عبادا لا نراهم " .
ضعيف . رواه الطبراني .... وزاد في آخره : " و قد جرب ذلك " .
قلت : و هذا سند ضعيف .
و فيه علل :
...
و أما دعوى الطبراني - رحمه الله - بأن الحديث قد جُرِّب ، فلا يجوز الاعتماد عليها ، لأن العبادات لا تثبت بالتجربة ، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله . و مع أن هذا الحديث ضعيف كالذي قبله ، فليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بالموتى من الأولياء و الصالحين ، لأنهما صريحان بأن المقصود بـ " عباد الله " فيهما خلق من غير البشر ، بدليل قوله في الحديث الأول : " فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليهم " .
و قوله في هذا الحديث : " فإن لله عبادا لا نراهم " .
وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو الجن ، لأنهم الذين لا نراهم عادة ،
و قد جاء في حديث آخر تعيين أنهم طائفة من الملائكة ؛
أخرجه البزار عن ابن عباس بلفظ : " إن لله تعالى ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر ، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله أعينوني " .
قال الحافظ كما في " شرح ابن علان " ( 5 / 151 ) :
" هذا حديث حسن الإسناد غريب جدا ، أخرجه البزار .
و قال : لا نعلم يروى عن النبي بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد " .
و حسنه السخاوي أيضا في " الابتهاج " و قال الهيثمي : " رجاله ثقات " .
قلت : و رواه البيهقي في " الشعب " موقوفا كما يأتي .
فهذا الحديث - إذا صح - يعين أن المراد بقوله في الحديث الأول " يا عباد الله " إنما
هم الملائكة ، فلا يجوز أن يلحق بهم المسلمون من الجن أو الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء و الصالحين ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، فإن الاستغاثة بهم و طلب العون منهم شرك بين لأنهم لا يسمعون الدعاء ، و لو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة و تحقيق الرغبة ، و هذا صريح في آيات كثيرة ، منها قوله تبارك و تعالى : و الذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ، و لو سمعوا ما استجابوا لكم ، و يوم القيامة يكفرون بشرككم ، و لا ينبئك مثل خبير ( فاطر 13 - 14 ) .
هذا ، و يبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقويه ، لأنه قد عمل به ، فقال ابنه عبد الله في " المسائل " ( 217 ) :
" سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج منها ثنتين [ راكبا ] و ثلاثة ماشيا ، أو ثنتين ماشيا و ثلاثة راكبا ، فضللت الطريق في حجة و كنت ماشيا ، فجعلت أقول : ( يا عباد الله دلونا على الطريق ! ) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق . أو كما قال أبي ، و رواه البيهقي في " الشعب " ( 2 / 455 / 2 ) و ابن عساكر ( 3 / 72 / 1 ) من طريق عبد الله بسند صحيح . و بعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزار .... لذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة ، و الأرجح أنه موقوف ، و ليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع ، لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب . و الله أعلم ....
بتصرف .. ومن أراد كلامه بتمامه ؛ فليرجع إلى الأصل
وفي " القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين " :
" وقد تم الاتصال بالعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - هاتفيا ؛
وقد سُئِل التالي :
ما هو حكم الاستعانة بالجن ؟
- فأجاب بكلام مطول ولكني أختصره بالآتي :
يرى - حفظه الله- عدم جواز ذلك ،
وقد بين أن هذا من الأمور المغيبة عن الإنسان ،
ولا نستطيع أن نحكم على هؤلاء بالإسلام أو الكفر ، فإن كانوا مسلمين لا نستطيع أن نحكم عليهم بالصلاح أو النفاق ،
وقد استشهد - حفظه الله - بالآية الكريمة من سورة الجن : وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْالإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ،
وتم تأكيد ذلك بالاتصال بسماحته وأخذ رأيه والاستئذان في نشر ذلك في هذا الكتاب المتواضع فأقر- حفظه الله – بذلك . احدث المواضيع:




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المركز الشامل لعلاج السحر الشيخ محمد فتحي
العنوان : جمهورية مصر العربية - طنطا - بجوار شركة أيديال بي تك
تليفون من خارج مصر : 00201001540228 - 00201068001711
تليفون من داخل مصر : 01001540228 - 01068001711
مواعيد العمل يوم الجمعة من الساعه 9 صباحآ الى الساعة 9 مساء
المدير المسؤل: الشيخ محمد فتحي مصطفى